لا تزال جائحة فيروس كورونا تلقي بظلالها القاتمة على الهجرة في جميع أنحاء العالم. وعلى الرغم من حملات التطعيم التي تحقق المزيد من النجاح يومًا بعد يوم، إلا أن معدلات السفر العالمية لا تزال منخفضة (إذا ما قورنت بمعدلات ما قبل بداية الجائحة). لذلك سوف نتناول من خلال هذا المقال تأثير وباء كورونا على نظام الهجرة إلى بريطانيا. مثلما هو الحال في الكثير من الدول حاليًا، شهدت بريطانيا تراجعًا عامًا في معدلات الهجرة نتيجةً لظروف الوباء. ويتضح ذلك من خلال انخفاض معدلات طلب وإصدار التأشيرات حتى بالنسبة لفئات التأشيرات الأكثر رواجًا، مثل تأشيرات الشركات الناشئة وتأشيرات المبتكرين في بريطانيا، وكذلك التأشيرات البريطانية للطلاب (أخذت معدلات هذه الفئات الثلاث جميعًا في التناقص منذ عام 2019). منذ بداية الجائحة كان الأشخاص الراغبون في الهجرة إلى بريطانيا عند محاولتهم دخول إنجلترا أو اسكتلندا أو أيرلندا الشمالية أو ويلز ولو بشكل مؤقت يتعرضون لقيود من الإلزام بإجراء اختبارات كورونا والخضوع للحجر الصحي، وغيرها من العوائق التي كانت تصعب من دخولهم البلاد. وفي الوقت نفسه فإن ظروف الوباء وما صاحبها من حظر للسفر وغير ذلك من التدابير حالت دون عودة بعض المسافرين من بريطانيا إلى بلدانهم برغم أنهم لم يكونوا يريدون البقاء في بريطانيا. وفي الغالب كان هؤلاء العالقون في بريطانيا يضطرون لحضور جلسات استماع لدى محكمة الهجرة والتي كانت توافق على تمديد تأشيراتهم وغير ذلك من الامتيازات الممنوحة لهم في ظل الأوضاع غير المسبوقة التي كانت تضطرهم إلى ذلك دون أن يكون لهم دخل بها. تابع القراءة لإلقاء نظرة أعمق على تأثيرات وباء كورونا ونظام الهجرة في بريطانيا، ولمعرفة أوجه التغيير في أنماط الهجرة وأشكال السفر الأخرى إلى بريطانيا نتيجةً لوباء كورونا.
نظرة عامة على تأثيرات وباء كورونا ونظام الهجرة في بريطانيا
- من أجل الحد من انتشار وباء كورونا قامت بريطانيا بفرض أول تدابير الإغلاق على الصعيد الداخلي في ربيع عام 2020. وبالتوازي مع ذلك فرضت الحكومة عددًا من قيود السفر على الوافدين إلى بريطانيا. مؤخرًا تم تخفيض أو إلغاء بعض هذه القيود التي فُرضت في بداية الجائحة في ظل ارتفاع معدلات تلقي لقاحات كورونا على مستوى العالم، بينما لا يزال بعضها الآخر قيد التطبيق.
- تشمل قيود السفر الحالية التي تفرضها بريطانيا ما يلي:
- تقديم نموذج كوفيد-19 قبل السفر.
- إجراء اختبار فيروس كورونا قبل السفر.
- إجراء اختبار فيروس كورونا بمجرد الوصول.
- العزل الذاتي.
- الحجر الصحي.
- حظر السفر للأشخاص القادمين من دول وأقاليم محددة.
- وبصورة عامة فإن المسافرين القادمين إلى بريطانيا سوف يخضعون لهذه القيود المذكورة أو بعضها فقط بحسب الدول القادمين منها (أو الدول التي قاموا بزيارتها مؤخرًا). لا تزال بريطانيا تستخدم نظام القوائم الملونة (نظام إشارات المرور)، الذي يصنف الدول الأجنبية ضمن ثلاث قوائم: خضراء وبرتقالية وحمراء. حيث دول القائمة الخضراء هي التي تعتبر بريطانيا أنها تمثل أدنى مستوى خطورة (فيما يتعلق بنقل وباء كورونا)، بينما دول القائمة الحمراء هي الأعلى في مستويات الخطورة (ودول القائمة البرتقالية في مستوى متوسط بينهما). لذلك تفرض بريطانيا على المسافرين القادمين من الدول المدرجة على القائمة الحمراء أعلى مستوى من القيود أو حتى حظر السفر بالكامل عند محاولتهم دخول البلاد.
- هذه القوائم الملونة ليست ثابتة، وإنما تقوم بريطانيا بتحديثها بشكل مستمر بحيث تعكس التغير في معدلات الإصابة بفيروس كورونا في كل دولة. ولهذا السبب فإذا كنت تريد السفر إلى بريطانيا، سواء للهجرة أو للقيام بزيارة مؤقتة، فينبغي عليك أن تكون على دراية بإجراءات الحجر الصحي والاختبارات التي سوف تطبق عليك. وختامًا ينبغي الأخذ في الاعتبار أن القيود المطبقة في البلاد قد تختلف من بلد لآخر داخل بريطانيا، لذا فإن الأمر يتوقف كذلك على وجهة دخولك (إنجلترا أم اسكتلندا أم ويلز أم أيرلندا الشمالية).
- للحصول على المساعدة في معرفة كيفية التعامل مع نظام الهجرة في بريطانيا في ظل استمرار وباء كورونا، برجاء الاتصال بنا مباشرةً.
تأثير وباء كورونا على نظام الهجرة إلى بريطانيا
- أدت محصلة تأثيرات قيود السفر المذكورة إلى خفض معدلات الهجرة إلى بريطانيا، وكذلك حركة السفر إلى البلاد بصفة عامة. وعلاوةً على ذلك فقد كان للوباء أيضًا تأثير غير مباشر على معدلات الهجرة والسفر، نتيجة لحالة الإغلاق الداخلي والقيود المفروضة على الصعيد المحلي في بريطانيا.
- خلال حالات الإغلاق المتعاقبة التي فرضتها الحكومة البريطانية، شهدت البلاد إغلاقًا لجميع الأعمال غير الأساسية (وشمل ذلك المطاعم والحانات والمتاحف)، وقيود على التجمعات الكبيرة، والإلزام بالتباعد الاجتماعي، وفرض ارتداء أقنعة الوجه، وكذلك قيود على الحد الأقصى من سعة إشغال المتاجر والمرافق. هذه القيود وبرغم أنها كانت مطبقة على الصعيد الداخلي إلا أنها ساهمت أيضًا في تقليل معدلات السفر والهجرة إلى بريطانيا. حيث كان من البديهي أن يقوم السياح والمهاجرون وفئات المسافرين الأخرى بإرجاء سفرهم إلى البلد الذي كان مغلقًا أمام حركة العمل والسياحة.
- وبوجه عام فقد استقبلت بريطانيا أعدادًا أقل بدرجة ملحوظة من الوافدين وأصدرت كذلك أعدادًا أقل بكثير من التأشيرات خلال فترة الوباء 2020-2021 مقارنةً بالأعداد التي شهدتها في عام 2019 (ولعل هذا أمر يمكن فهمه بالنظر للحظر المستمر المفروض على دخول المسافرين القادمين من دول بعينها لكافة أغراض السفر باستثناء الضروري منها، وكذلك نتيجة لقيود السفر الأخرى الإضافية). وبالرغم من ارتفاع أعداد التأشيرات الصادرة في عام 2021 مقارنةً بنظيرتها لعام 2020، إلا أن المعدلات لم ترق بعد إلى مستويات ما قبل الجائحة.
- كذلك ترافق مع انخفاض أعداد تأشيرات العمل الصادرة، انخفاض أعداد الأجانب العاملين في البلاد وكذلك أعداد المقيمين الأجانب الذين يعيشون في بريطانيا بوجه عام.
- ومع ذلك فلا تزال هناك فئات معينة من التأشيرات البريطانية تشهد نموًا أكثر من غيرها في عام 2021 مقارنةً بعام 2020 (وإن لم تصل مستويات هذا النمو إلى نظيرتها قبل بداية الوباء). ومن الأمثلة على ذلك تأشيرات الشركات الناشئة وتأشيرات المبتكرين في بريطانيا التي شهدت زيادة في معدلات إصدارها خلال العام الأخير (وكذلك الحال بالنسبة لأعداد تأشيرات الطلاب الصادرة في بريطانيا والتي ارتفعت أيضًا خلال نفس الفترة).
الآثار الأخرى لوباء كورونا
- بالإضافة إلى قيود السفر والقيود الأخرى المفروضة، فقد وضعت ظروف وباء كورونا مجموعة أخرى من العراقيل أمام الهجرة من خلال تعقيد أو تعطيل عملية طلب التأشيرة التقليدية. ونتيجةً لذلك فقد قامت الحكومة البريطانية بالسماح في بعض الحالات بتمديد التأشيرات وغير ذلك من الاستثناءات التي سمحت بها للمهاجرين المحتملين. من الأمثلة على ذلك البيانات البيومترية التي يقوم المتقدمون للحصول على تأشيرات بريطانيا في المعتاد بتقديمها في مراكز طلبات التأشيرة الموجودة في بلد إقامتهم. ومع ذلك فقد تسببت جائحة كورونا في إغلاق الكثير من مراكز التأشيرات في العديد من البلدان. ولذلك فقد أتاحت بريطانيا للراغبين في الحصول على التأشيرات إمكانية تقديم بياناتهم البيومترية من خلال أي من المراكز الموجودة في الدول الأخرى. ولعل هذا أحد الأمثلة فقط على العديد من الحالات التي اضطرت فيها بريطانيا إلى تعديل قواعد وشروط نظام الهجرة الخاص بها استجابةً منها للمتغيرات المستمرة والأوضاع التي عرقلت إجراءات الهجرة والسفر المعتادة.
- في الوقت الذي تسبب فيه وباء كورونا في منع العديد من الأشخاص الذين يسعون للسفر إلى بريطانيا من القيام بذلك وأجبرهم على البقاء في بلدانهم، كذلك أدى في المقابل إلى حالة معاكسة حيث أجبر الأجانب الموجودين داخل بريطانيا على البقاء في البلاد ومنعهم من مغادرتها.
- كان ذلك تحديدًا أثناء ذروة الوباء حيث انتهى الأمر ببعض الأفراد الذين سافروا إلى إنجلترا واسكتلندا وويلز وأيرلندا الشمالية لأسباب مؤقتة (أي أنهم لم يكونوا ينوون البقاء في بريطانيا) أن وجدوا أنفسهم عالقين داخل البلاد بسبب قيود السفر والمعوقات الأخرى التي عطلت حركة التنقل على مستوى العالم. في أغلب الحالات تم منح هؤلاء الأشخاص تمديدًا لتأشيراتهم وغير ذلك من الاستثناءات الأخرى في أعقاب جلسات استماع أمام محكمة الهجرة، مما أتاح لهم البقاء في البلاد بصورة قانونية حتى يصبحوا قادرين على المغادرة والعودة إلى أوطانهم.
- وبالمثل قدمت الحكومة البريطانية خطة لمنح تسهيلات لحاملي تأشيرات بريطانيا الذين انتهت صلاحية تأشيراتهم بينما هم عالقين خارج بريطانيا نتيجة لظروف الوباء. وقد وفرت تلك المبادرة لهؤلاء الأشخاص (الذين لولا الظروف الاستثنائية لكانوا استطاعوا معاودة دخول البلاد قبل انتهاء صلاحية تأشيراتهم) مسارًا قانونيًا للمؤهلين منهم، والذي أتاح لهم السفر إلى بريطانيا والتقديم إما للحصول على تصريح البقاء لأجل غير مسمى (ILR) أو تصريح الإقامة المحدد المدة (LTR).
- برجاء ملاحظة أن مبادرة تقديم التسهيلات لحاملي التأشيرات البريطانية العالقين في الخارج متاحة فقط للأفراد الذين غادروا البلاد قبل 17 مارس 2020.
لمزيد من المعلومات حول كيفية تأثير وباء كورونا على السفر والهجرة إلى بريطانيا، أو للحصول على المساعدة في تقديم استئناف للبقاء في بريطانيا عبر جلسات الاستماع أمام محاكم الهجرة أو من خلال الطرق الأخرى المتاحة، يمكنكم الاتصال بنا في أي وقت.